العلاقات الزوجية المهمشة :
تُعد العلاقة الزوجية من أقدس الروابط الإنسانية، وقد شُرعت لبناء أسرة متماسكة تقوم:
على المودة والرحمة والتفاهم. ومع ذلك، تشهد مجتمعاتنا في السنوات الأخيرة ظاهرة
مقلقة تتجلى في تهميش الأزواج للعلاقة الزوجية، وهو ما ينعكس سلبًا على الطرفين،
وعلى الأسرة بأكملها.
*مظاهر التهميش:
تهميش العلاقة الزوجية من قبل الأزواج قد يظهر بأشكال متعددة، منها:
-
الإهمال العاطفي: حيث يغيب التواصل العاطفي بين الزوجين، ويفتقد الطرف الآخر
كلمات الدعم والاهتمام والمشاركة الوجدانية.
-
الانشغال المفرط: انغماس الزوج في العمل أو وسائل التواصل أو الأصدقاء على
حساب العلاقة الأسرية.
-
غياب الحوار: عدم الاستماع للزوجة أو تجاهل احتياجاتها النفسية والجسدية، مما
يخلق فجوة عميقة بين الطرفين.
-
اللامبالاة: قد تصل العلاقة إلى درجة من الجمود بحيث يتعامل الزوج مع زوجته
وكأنها أمر واقع، لا يحتاج إلى رعاية أو تجديد.
الأسباب المحتملة:
ترجع أسباب هذا التهميش إلى عدة عوامل، منها:
-
ضعف الوعي الثقافي والعاطفي: بعض الأزواج لا يدركون أهمية الجانب النفسي
والعاطفي في العلاقة الزوجية.
-
ضغوط الحياة الاقتصادية والمهنية: تجعل البعض يغفلون عن أهمية إشباع
الاحتياجات العاطفية للطرف الآخر.
-
الصورة النمطية للرجولة: التي ترفض إظهار المشاعر أو التعبير عن الحب، مما
يخلق برودًا في العلاقة.
-
تراكم الخلافات دون حل جذري: يؤدي إلى فتور العلاقة وانطفاء شعلة المودة.
*الآثار المترتبة :
تهميش العلاقة الزوجية لا يمر دون آثار، بل يُحدث تصدعات داخل الأسرة، منها:
-
الشعور بالوحدة داخل العلاقة، وهو شعور قاتل يجعل الزوجة تعاني بصمت.
-
ضعف الانتماء الأسري وفقدان الرغبة في الاستمرار.
-
زيادة احتمالات الخيانة أو الطلاق في ظل غياب الإشباع العاطفي.
-
تأثر الأطفال نفسيًا نتيجة توتر العلاقة بين الوالدين.
*الحلول الممكنة :
لمعالجة هذا التهميش، لا بد من:
-
تعزيز ثقافة الحوار بين الزوجين، والاستماع بصدق واهتمام.
-
الاعتراف بالمشكلة والعمل سويًا لحلها دون توجيه اتهامات.
-
تخصيص وقت منتظم للتواصل وتجديد المشاعر.
-
اللجوء إلى الإرشاد الأسري في حال تعذر التفاهم الذاتي.
في نهاية المطاف، علينا أن ندرك أن العلاقة الزوجية لا تُبنى على الواجبات المادية فقط،
بل على المشاعر الصادقة والتقدير المتبادل. عندما يُهمِّش الزوج زوجته، فإنه لا يُقصي
شخصًا فحسب، بل يُقصي قلبًا كان من المفترض أن يكون شريكه في الحياة، ويدًا كانت
ستدعمه في أوقات ضعفه، ورفيقًا كان سيسانده في رحلة الأيام.
ومن هنا، فإن أبسط الكلمات الطيبة، وأصغر مبادرات الاهتمام، يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا
في العلاقة. كما أن مسؤولية الحفاظ على دفء العلاقة تقع على الطرفين، لكنّ الزوج –
بحكم دوره القيادي في كثير من الثقافات – مطالب بأن يكون قدوة في الاحتواء والتفاهم.
العلاقات لا تنهار فجأة، بل تُهمل تدريجيًا حتى تذبل وتموت، والوقاية دائمًا خير من
العلاج. لذلك، لا بد من مراجعة الذات، وتقدير الشريك، والاستثمار في العلاقة الزوجية
كما نستثمر في العمل أو الدراسة. فنجاح العلاقة الأسرية هو نجاح للمجتمع بأسره، لأن
الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء الأجيال القادم
إن العلاقة الزوجية ليست عقدًا قانونيًا فقط، بل هي شراكة حياتية وروحية تتطلب جهدًا
دائمًا من الطرفين. وتهميش أحد الطرفين، خصوصًا من قبل الزوج، يقوّض أساس هذه
العلاقة ويهدد كيان الأسرة. لذا، فإن الوعي، والاحترام، والتواصل المستمر هي مفاتيح
الحفاظ على علاقة زوجية صحية ومستقرة.
بقلم /الكاتبة سيدة حسن
إرسال تعليق